القران الكريم

بِسْمِ الله الرَحْمَانِ الرَحٍيمِ

الْقُرْآنِ الْكَرِيمِ كًامِلًا


الجمعة، 29 مارس 2013

قصة حاول أن تقرأها دون أن تبكي



لم أكن جاوزت الثلاثين حين أنجبت زوجتي أوّل أبنائي.. ما زلت أذكر تلك الليلة .. بقيت إلى آخر الليل مع الشّلة في إحدى الاستراحات.. كانت سهرة مليئة بالكلام الفارغ.. بل بالغيبة والتعليقات المحرمة... كنت أنا الذي أتولى في الغالب إضحاكهم.. وغيبة الناس.. وهم يضحكون .
أذكر ليلتها أنّي أضحكتهم كثيراً.. كنت أمتلك موهبة عجيبة في التقليد .. بإمكاني تغيير نبرة صوتي حتى تصبح قريبة من الشخص الذي أسخر منه.. أجل كنت أسخر من هذا وذاك.. لم يسلم أحد منّي أحد حتى أصحابي.. صار بعض الناس يتجنّبني كي يسلم من لساني .
أذكر أني تلك الليلة سخرت من أعمى رأيته يتسوّل في السّوق... والأدهى أنّي وضعت قدمي أمامه فتعثّر وسقط يتلفت برأسه لا يدري ما يقول.. وانطلقت ضحكتي تدوي في السّوق ..
عدت إلى بيتي متأخراً كالعادة.. وجدت زوجتي في انتظاري.. كانت في حالة يرثى لها.. قالت بصوت متهدج: راشد.. أين كنتَ ؟
قلت ساخراً: في المريخ.. عند أصحابي بالطبع ..
كان الإعياء ظاهراً عليها.. قالت والعبرة تخنقها : راشد... أنا تعبة جداً .. الظاهر أن موعد ولادتي صار وشيكا ..
سقطت دمعة صامته على خدها.. أحسست أنّي أهملت زوجتي.. كان المفروض أن أهتم بها وأقلّل من سهراتي .. خاصة أنّها في شهرها التاسع .
حملتها إلى المستشفى بسرعة.. دخلت غرفة الولادة .. جعلت تقاسي الآلام ساعات طوال.. كنت أنتظر ولادتها بفارغ الصبر.. تعسرت ولادتها .. فانتظرت طويلاً حتى تعبت.. فذهبت إلى البيت وتركت رقم هاتفي عندهم ليبشروني .
بعد ساعة.. اتصلوا بي ليزفوا لي نبأ قدوم سالم ذهبت إلى المستشفى فوراً.. أول ما رأوني أسأل عن غرفتها.. طلبوا منّي مراجعة الطبيبة التي أشرفت على ولادة زوجتي .
صرختُ بهم: أيُّ طبيبة ؟! المهم أن أرى ابني سالم .
قالوا، أولاً راجع الطبيبة ..
دخلت على الطبيبة.. كلمتني عن المصائب .. والرضى بالأقدار .. ثم قالت: ولدك به تشوه شديد في عينيه ويبدوا أنه فاقد البصر !!
خفضت رأسي.. وأنا أدافع عبراتي .. تذكّرت ذاك المتسوّل الأعمى الذي دفعته في السوق وأضحكت عليه الناس .
سبحان الله كما تدين تدان ! بقيت واجماً قليلاً.. لا أدري ماذا أقول.. ثم تذكرت زوجتي وولدي .. فشكرت الطبيبة على لطفها ومضيت لأرى زوجتي ..
لم تحزن زوجتي.. كانت مؤمنة بقضاء الله.. راضية. طالما نصحتني أن أكف عن الاستهزاء بالناس.. كانت تردد دائماً، لا تغتب الناس ..
خرجنا من المستشفى، وخرج سالم معنا. في الحقيقة، لم أكن أهتم به كثيراً. اعتبرته غير موجود في المنزل. حين يشتد بكاؤه أهرب إلى الصالة لأنام فيها . كانت زوجتي تهتم به كثيراً، وتحبّه كثيراً. أما أنا فلم أكن أكرهه، لكني لم أستطع أن أحبّه !
كبر سالم.. بدأ يحبو.. كانت حبوته غريبة.. قارب عمره السنة فبدأ يحاول المشي.. فاكتشفنا أنّه أعرج. أصبح ثقيلاً على نفسي أكثر. أنجبت زوجتي بعده عمر وخالداً .
مرّت السنوات وكبر سالم، وكبر أخواه. كنت لا أحب الجلوس في البيت . دائماً مع أصحابي. في الحقيقة كنت كاللعبة في أيديهم ..
لم تيأس زوجتي من إصلاحي. كانت تدعو لي دائماً بالهداية. لم تغضب من تصرّفاتي الطائشة، لكنها كانت تحزن كثيراً إذا رأت إهمالي لسالم واهتمامي بباقي إخوته .
كبر سالم وكبُر معه همي. لم أمانع حين طلبت زوجتي تسجيله في أحدى المدارس الخاصة بالمعاقين. لم أكن أحس بمرور السنوات. أيّامي سواء .. عمل ونوم وطعام وسهر .
في يوم جمعة، استيقظت الساعة الحادية عشر ظهراً. ما يزال الوقت مبكراً بالنسبة لي. كنت مدعواً إلى وليمة . لبست وتعطّرت وهممت بالخروج. مررت بصالة المنزل فاستوقفني منظر سالم. كان يبكي بحرقة !
إنّها المرّة الأولى التي أنتبه فيها إلى سالم يبكي مذ كان طفلاً. عشر سنوات مضت، لم ألتفت إليه. حاولت أن أتجاهله فلم أحتمل. كنت أسمع صوته ينادي أمه وأنا في الغرفة. التفت ... ثم اقتربت منه. قلت: سالم! لماذا تبكي؟ !
حين سمع صوتي توقّف عن البكاء. فلما شعر بقربي، بدأ يتحسّس ما حوله بيديه الصغيرتين. ما بِه يا ترى؟! اكتشفت أنه يحاول الابتعاد عني!! وكأنه يقول: الآن أحسست بي. أين أنت منذ عشر سنوات ؟! تبعته ... كان قد دخل غرفته. رفض أن يخبرني في البداية سبب بكائه . حاولت التلطف معه .. بدأ سالم يبين سبب بكائه، وأنا أستمع إليه وأنتفض .
أتدري ما السبب!! تأخّر عليه أخوه عمر، الذي اعتاد أن يوصله إلى المسجد. ولأنها صلاة جمعة، خاف ألاّ يجد مكاناً في الصف الأوّل. نادى عمر.. ونادى والدته.. ولكن لا مجيب .. فبكى .
أخذت أنظر إلى الدموع تتسرب من عينيه المكفوفتين. لم أستطع أن أتحمل بقية كلامه. وضعت يدي على فمه وقلت: لذلك بكيت يا سالم !!..
قال: نعم ..
نسيت أصحابي، ونسيت الوليمة وقلت: سالم لا تحزن. هل تعلم من سيذهب بك اليوم إلى المسجد؟
قال: أكيد عمر .. لكنه يتأخر دائماً ..
قلت: لا .. بل أنا سأذهب بك ..
دهش سالم .. لم يصدّق. ظنّ أنّي أسخر منه. استعبر ثم بكى. مسحت دموعه بيدي وأمسكت يده. أردت أن أوصله بالسيّارة. رفض قائلاً: المسجد قريب... أريد أن أخطو إلى المسجد - إي والله قال لي ذلك .
لا أذكر متى كانت آخر مرّة دخلت فيها المسجد، لكنها المرّة الأولى التي أشعر فيها بالخوف والنّدم على ما فرّطته طوال السنوات الماضية. كان المسجد مليئاً بالمصلّين، إلاّ أنّي وجدت لسالم مكاناً في الصف الأوّل. استمعنا لخطبة الجمعة معاً وصلى بجانبي... بل في الحقيقة أنا صليت بجانبه ..
بعد انتهاء الصلاة طلب منّي سالم مصحفاً. استغربت!! كيف سيقرأ وهو أعمى؟ كدت أن أتجاهل طلبه، لكني جاملته خوفاً من جرح مشاعره. ناولته المصحف ... طلب منّي أن أفتح المصحف على سورة الكهف. أخذت أقلب الصفحات تارة وأنظر في الفهرس تارة .. حتى وجدتها .
أخذ مني المصحف ثم وضعه أمامه وبدأ في قراءة السورة ... وعيناه مغمضتان ... يا الله !! إنّه يحفظ سورة الكهف كاملة !!
خجلت من نفسي. أمسكت مصحفاً ... أحسست برعشة في أوصالي... قرأت وقرأت.. دعوت الله أن يغفر لي ويهديني. لم أستطع الاحتمال ... فبدأت أبكي كالأطفال. كان بعض الناس لا يزال في المسجد يصلي السنة ... خجلت منهم فحاولت أن أكتم بكائي. تحول البكاء إلى نشيج وشهيق ...
لم أشعر إلا ّ بيد صغيرة تتلمس وجهي ثم تمسح عنّي دموعي. إنه سالم !! ضممته إلى صدري... نظرت إليه. قلت في نفسي... لست أنت الأعمى بل أنا الأعمى، حين انسقت وراء فساق يجرونني إلى النار .
عدنا إلى المنزل. كانت زوجتي قلقة كثيراً على سالم، لكن قلقها تحوّل إلى دموع حين علمت أنّي صلّيت الجمعة مع سالم ..
من ذلك اليوم لم تفتني صلاة جماعة في المسجد. هجرت رفقاء السوء .. وأصبحت لي رفقة خيّرة عرفتها في المسجد. ذقت طعم الإيمان معهم. عرفت منهم أشياء ألهتني عنها الدنيا. لم أفوّت حلقة ذكر أو صلاة الوتر. ختمت القرآن عدّة مرّات في شهر. رطّبت لساني بالذكر لعلّ الله يغفر لي غيبتي وسخريتي من النّاس. أحسست أنّي أكثر قرباً من أسرتي. اختفت نظرات الخوف والشفقة التي كانت تطل من عيون زوجتي. الابتسامة ما عادت تفارق وجه ابني سالم. من يراه يظنّه ملك الدنيا وما فيها. حمدت الله كثيراً على نعمه .
ذات يوم ... قرر أصحابي الصالحون أن يتوجّهوا إلى أحدى المناطق البعيدة للدعوة. تردّدت في الذهاب. استخرت الله واستشرت زوجتي. توقعت أنها سترفض... لكن حدث العكس !
فرحت كثيراً، بل شجّعتني. فلقد كانت تراني في السابق أسافر دون استشارتها فسقاً وفجوراً .
توجهت إلى سالم. أخبرته أني مسافر فضمني بذراعيه الصغيرين مودعاً ...
تغيّبت عن البيت ثلاثة أشهر ونصف، كنت خلال تلك الفترة أتصل كلّما سنحت لي الفرصة بزوجتي وأحدّث أبنائي. اشتقت إليهم كثيراً ... آآآه كم اشتقت إلى سالم !! تمنّيت سماع صوته... هو الوحيد الذي لم يحدّثني منذ سافرت. إمّا أن يكون في المدرسة أو المسجد ساعة اتصالي بهم.
كلّما حدّثت زوجتي عن شوقي إليه، كانت تضحك فرحاً وبشراً، إلاّ آخر مرّة هاتفتها فيها. لم أسمع ضحكتها المتوقّعة. تغيّر صوتها ..
قلت لها: أبلغي سلامي لسالم، فقالت: إن شاء الله ... وسكتت ...
أخيراً عدت إلى المنزل. طرقت الباب . تمنّيت أن يفتح لي سالم، لكن فوجئت بابني خالد الذي لم يتجاوز الرابعة من عمره. حملته بين ذراعي وهو يصرخ: بابا .. بابا .. لا أدري لماذا انقبض صدري حين دخلت البيت .
استعذت بالله من الشيطان الرجيم ..
أقبلت إليّ زوجتي ... كان وجهها متغيراً. كأنها تتصنع الفرح .
تأمّلتها جيداً ثم سألتها: ما بكِ؟
قالت: لا شيء .
فجأة تذكّرت سالماً فقلت .. أين سالم ؟
خفضت رأسها. لم تجب. سقطت دمعات حارة على خديها ...
صرخت بها ... سالم! أين سالم .. ؟
لم أسمع حينها سوى صوت ابني خالد يقول بلغته: بابا ... ثالم لاح الجنّة ... عند الله ...
لم تتحمل زوجتي الموقف. أجهشت بالبكاء. كادت أن تسقط على الأرض، فخرجت من الغرفة .
عرفت بعدها أن سالم أصابته حمّى قبل موعد مجيئي بأسبوعين فأخذته زوجتي إلى المستشفى .. فاشتدت عليه الحمى ولم تفارقه ... حين فارقت روحه جسده ..
إذا ضاقت عليك الأرض بما رحبت، وضاقت عليك نفسك بما حملت فاهتف ... يا الله
إذا بارت الحيل، وضاقت السبل، وانتهت الآمال، وتقطعت الحبال، نادي ... يا الله
لا اله الا الله رب السموات السبع ورب العرش العظيم


منقول


السبت، 23 مارس 2013

بحث حول عبد الحميد ابن باديس

بحث حول عبد الحميد ابن باديس

عبد الحميد بن باديس




العلاّمة الإمام عبد الحميد بن باديس (5 ديسمبر 1889-16 أبريل 1940 م) من رجالات الإصلاح في الجزائر و مؤسس جمعية العلماء المسلمين بالجزائر 

فهرست الموضوع:

  • 1 مولده و نشأته
  • 2 حياته
    • 2.1 في جامع الزيتونة
    • 2.2 في المدينة النبوية
    • 2.3 العودة إلى الجزائر
  • 3 وفاته
  • 4 العوامل المؤثرة في شخصية ابن باديس
  • 5 منهاج ابن باديس
  • 6 من آثار ابن باديس العلمية

مولده و نشأته :

هو عبد الحميد بن محمد المصطفى بن المكي بن محمد كحول بن الحاج علي النوري بن محمد بن محمد بن عبد الرحمان بن بركات بن عبد الرحمان بن باديس الصنهاجي. ولد بمدينة قسنطينة عاصمة الشرق الجزائري يوم الأربعاء 11 ربيع الثاني 1307 هـ الموافق لـ 4 ديسمبر 1889 م على الساعة الرابعة بعد الظهر، وسجل يوم الخميس 12 ربيع الثاني 1307 هـ الموافق لـ 5 ديسمبر 1889 م في سجلات الحالة المدنية التي أصبحت منظمة وفي أرقى صورة بالنسبة لذلك العهد كون الفرنسيين أتموا ضبطها سنة 1886 م. نشأ ابن باديس في بيئة علمية، فقد حفظ القرآن وهو ابن ثلاث عشرة سنة، ثم تتلمذ على الشيخ أحمد أبو حمدان الونيسي، فكان من أوائل الشيوخ الذين كان لهم أثر طيب في اتجاهه الـديـنـي، ولا ينسى ابن باديس أبداً وصية هذا الشيخ له: "اقرأ العلم للعلم لا للوظيفة"، بل أخذ عليه عهداً ألا يقرب الوظائف الحكومية عند فرنسا. وقد عرف دائماً بدفاعه عن مطالب السكان المسلمين في قسنطينة.

حياته :
في جامع الزيتونة 
 
 
 




عبد الحميد بن باديس



في عام 1908 م قرر ابن باديس -وهو الشاب المتعطش للعلم- أن يبدأ رحلته العلمية الأولى إلى تونس، وفى رحاب جامع الزيتونة الذي كان مقراً كبيراً للعلم والعلماء يُشبه في ذلك الأزهر في مصر. وفي الزيتونة تفتحت آفاقه، وعبّ من العلم عبًّا، والتقى بالعلماء الذين كان لهم تأثير كبير في شخصيته وتوجهاته، مثل الشيخ محمد النخلي القيرواني الذي غرس في عقل ابن باديس غرسة الإصلاح وعدم تقليد الشيوخ، وأبــان لــه عـــن المنهج الصحيح في فهم القرآن. كما أثار فيه الشيخ محمد الطاهر بن عاشور حب العربية وتذوّق جمالها ، ويرجع الفضل للشيخ البشير صفر في الاهتمام بالتاريخ ومشكلات المسلمين المعاصرة وكيفية التخلص من الاستعمار الغربي وآثاره.
تخـرج الشيخ من الزيتونة عام 1912 م وبقي عاماً آخر للتدريس حسب ما تقتضيه تقاليد هذه الجامعة، وعندما رجع إلى الجزائر شرع على الفور بإلقاء دروس في الجامع الكبير في قسنطينة، ولكن خصوم الإصلاح تحركوا لمنعه، فقرر القيام برحلة ثانية لزيارة أقطار المشرق العربي.
في المدينة النبوية

بعد أداء فريضة الحج مكث الشيخ ابن باديس في المدينة المنورة ثلاثة أشهر، ألقى خلالها دروساً في المسجد النبوي، والتقى بشيخه السابق أبو حمدان الونيسي وتعرف على رفيق دربه ونضاله فيما بعد الشيخ البشير الإبراهيمي. وكان هذا التعارف من أنعم اللقاءات وأبركها، فقد تحادثا طويلاً عن طرق الإصلاح في الجزائر واتفقا على خطة واضحة في ذلك. وفي المدينة اقترح عليه شيخه الونيسي الإقامة والهجرة الدائمة، ولكن الشيخ حسين أحمد الهندي المقيم في المدينة أشار عليه بالرجوع للجزائر لحاجتها إليه. زار ابن باديس بعد مغادرته الحجاز بلاد الشام ومصر واجتمع برجال العلم والأدب وأعلام الدعوة السلفية، وزار الأزهر واتصل بالشيخ بخيت المطيعي حاملاً له رسالة من الشيخ الونيسي.
العودة إلى الجزائر

وصل ابن باديس إلى الجزائر عام 1913 م واستقر في مدينة قسنطينة، وشرع في العمل التربوي الذي صمم عليه، فبدأ بدروس للصغار ثم للكبار، وكان المسجد هو المركز الرئيسي لنشاطه، ثم تبلورت لديه فكرة تأسيس جمعية العلماء المسلمين، واهتماماته كثيرة لا يكتفي أو يقنع بوجهة واحدة، فاتجه إلى الصحافة، وأصدر جريدة المنتقد عام 1925 م وأغلقت بعد العدد الثامن عشر؛ فأصدر جريدة الشهاب الأسبوعية، التي بث فيها آراءه في الإصلاح، واستمرت كجريدة حتى عام 1929 م ثم تحولت إلى مجلة شهرية علمية، وكان شعارها: "لا يصلح آخر هذه الأمة إلا بما صلح بها أولها"، وتوقفت المجلة في شهر شعبان 1328 هـ (سبتمبر 1939 م) بسبب اندلاع الحرب العالمية الثانية، وحتى لا يكتب فيها أي شيء تريده الإدارة الفرنسية تأييداً لها، وفي سنة 1936 م دعا إلى مؤتمر إسلامي يضم التنظيمات السياسية كافة من أجل دراسة قضية الجزائر، وقد وجه دعوته من خلال جريدة لاديفانس
ويذكر عن هذه الرحلة موقفه مع وزير الحربية الفرنسي "دلادييه" أثناء ذهاب وفد المؤتمر الإسلامي إلى باريس في 18 يوليو 1936؛ حيث هدد الوزير الفرنسي الوفد الجزائري وذكرهم بقوة فرنسا وبمدافعها بعيدة المدى قائلاً: "إن لدى فرنسا مدافع طويلة"، فرد عليه ابن باديس: "إن لدينا مدافع أطول فتساءل "دلادييه" عن أمر هذه المدافع؟ فأجابه ابن باديس: "إنها مدافع الله".
وفاته

وقد أصيب بمرض السرطان في الأمعاء وفي مساء يوم الثلاثاء 8 ربيع الأول سنة 1359هـ الموافق 16 أبريل 1940 م أسلم ابن باديس روحه الطاهرة لبارئها متأثرًا بمرضه بمسقط رأسه. فخرجت قسنطينة كلها تودعه الوداع الأخير في تشييع جنازته. وقد دُفن في مقبرة آل باديس بقسنطينة بعد حياة أوفى فيها بعهده: "إني أعاهدكم على أن أقضي بياضي على العربية والإسلام كما قضيت سوادي عليهما وإنها لواجبات.. وإنني سأقضي حياتي على الإسلام والقرآن ولغة الإسلام والقرآن وهذا عهدي لكم" (من "آثار ابن باديس العلمية").
العوامل المؤثرة في شخصية ابن باديس :








لا شك أن البيئة الأولى لها أثر كبير في تكوين شخصية الإنسان، وفي بلد كالجزائر عندما يتفتح ذهن المسلم على معاناته من فرنسا، وعن معاناته من الجهل والاستسلام للبدع-فسيكون هذا من أقوى البواعث لأصحاب الهمم وذوي الإحساس المرهف على القلق الذي لا يهدأ حتى يحقق لدينه ولأمته ما يعتبره واجباً عليه، وكان ابن باديس من هذا النوع. وإن بروز شخصية كابن باديس من بيئة ثرية ذات وجاهة لَهو دليل على إحساسه الكبير تجاه الظلم والظالمين، وكان بإمكانه أن يكون موظفاً كبيراً ويعيش هادئاً مرتاح البال ولكنه اختار طريق المصلحين.
وتأتي البيئة العلمية التي صقلت شخصيته وهذبت مناحيه والفضل الأكبر يعود إلى الفترة الزيتونية ورحلته الثانية إلى الحجاز والشام حيث تعرف على المفكرين والعلماء الذين تأثروا بدعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب وما دعا إليه من نقاء العقيدة وصفائها. وكان لمجلة المنار التي يصدرها الشيخ رشيد رضا أثر قوي في النظر لمشكلات المسلمين المعاصرة والحلول المطروحة.
ومما شجع ابن باديس وأمضى عزيمته وجود هذه العصبة المؤمنة حوله-وقد وصفهم هو بالأسود الكبار-من العلماء والدعاة أمثال الإبراهيمي والتبسي والعقبي والميلي. وقد عملوا معه في انسجام قلّ أن يوجد مثله في الهيئات الأخرى.
منهاج ابن باديس :

شخصية ابن باديس شخصية غنية ثرية ومن الصعوبة في حيز ضيق من الكتابة الإلمام بكل أبعادها وآثارها؛ فهو مجدد ومصلح يدعو إلى نهضة المسلمين ويعلم كيف تكون النهضة. يقول:
التي تصدر بالفرنسية، واستجابت أكثر التنظيمات السياسية لدعوته وكذلك بعض الشخصيات المستقلة، وأسفر المؤتمر عن المطالبة ببعض الحقوق للجزائر، وتشكيل وفد سافر إلى فرنسا لعرض هذه المطالب وكان من ضمن هذا الوفد ابن باديس والإبراهيمي والطيب العقبي ممثلين لجمعية العلماء، ولكن فرنسا لم تستجب لأي مطلب وفشلت مهمة الوفد.
إنما ينهض المسلمون بمقتضيات إيمانهم بالله ورسوله إذا كانت لهم قوة، وإذا كانت لهم جماعة منظمة تفكر وتدبر وتتشاور وتتآثر، وتنهض لجلب المصلحة ولدفع المضرة، متساندة في العمل عن فكر وعزيمة.
وهو عالم مفسر ، فسر القرآن كله خلال خمس وعشرين سنة في دروسه اليومية كما شرح موطأ مالك خلال هذه الفترة، وهو سياسي يكتب في المجلات والجرائد التي أصدرها عن واقع المسلمين وخاصة في الجزائر ويهاجم فرنسا وأساليبها الاستعمارية ويشرح أصول السياسة الإسلامية، وقبل كل هذا هو المربي الذي أخذ على عاتقه تربية الأجيال في المدارس والمساجد، فأنشأ المدارس واهتم بها، بل كانت من أهم أعماله، وهو الذي يتولى تسيير شؤون جمعية العلماء، ويسهر على إدارة مجلة الشهاب ويتفقد القاعدة الشعبية باتصالاته المستمرة. إن آثار ابن باديس آثار عملية قبل أن تكون نظرية في كتاب أو مؤلَّف، والأجيال التي رباها كانت وقود معركة تحرير الجزائر، وقليل من المصلحين في العصر الحديث من أتيحت لهم فرص التطبيق العملي لمبادئهم كما أتيحت لابن باديس؛ فرشيد رضا كان يحلم بمدرسة للدعاة، ولكن حلمه لم يتحقق، ونظرية ابن باديس في التربية أنها لا بد أن تبدأ من الفرد، فإصلاح الفرد هو الأساس.
وطريقته في التربية هي توعية هذا النشء بالفكرة الصحيحة كما ذكر الإبراهيمي عن اتفاقهما في المدينة: "كانت الطريقة التي اتفقنا عليها سنة 1913 في تربية النشء هي ألا نتوسع له في العلم وإنما نربيه على فكرة صحيحة" [1].
وينتقد ابن باديس مناهج التعليم التي كانت سائدة حين تلقيه العلم والتي كانت تهتم بالفروع والألفاظ - فيقول: "واقتصرنا على قراءة الفروع الفقهية، مجردة بلا نظر، جافة بلا حكمة، وراء أسوار من الألفاظ المختصرة، تفني الأعمار قبل الوصول إليها" [1]. أما إنتاجه العلمي فهو ما جمع بعد من مقالاته في "الشهاب" وغيرها ومن دروسه في التفسير والحديث [1].
من آثار ابن باديس العلمية:



جُمع كثير من آثاره العلمية بعد وفاته نذكر منها:
  1. تفسير ابن باديس: جمع في كتاب تحت عنوان "مجالس التذكير من كلام الحكيم الخبير".
  2. "مجالس التذكير من حديث البشير النذير".
  3. "العقائد الإسلامية من الآيات القرآنية والأحاديث النبوية".
  4. كتاب "رجال السلف ونساؤه".
  5. حقق ابن باديس كتاب "العواصم من القواصم" للإمام ابن العربي
 


مفهوم وخصائص العلم



مفهوم العلم :

تعني كلمة العلم(Science) لغوياً،إدراك الشيء بحقيقته،وهو اليقين والمعرفة،والعلم يعني اصطلاحاً،مجموعة الحقائق والوقائع والنظريات،ومناهج البحث التي تزخر بها المؤلفات العلمية(6).كما يعرف العلم بأنه " نسق المعارف العلمية المتراكمة أو هو مجموعة المبادئ والقواعد التي تشرح بعض الظواهر والعلاقات القائمة بينها " .

وظـائف العـلم :
يضطلع العلم بوظيفة أساسية تتمثل في اكتشاف النظام السائد في هذا الكون،وفهم قوانين الطبيعة والحصول على الطرق اللازمة للسيطرة على قوى الطبيعة والتحكم فيها،وذلك عن طريق زيادة قدرة الإنسان على تفسير الأحداث والظواهر والتنبؤ بها وضبطها
وتنحصر وظائف العلم في تحقيق ثلاثة أهداف رئيسية وهي :

أ-الاكتشاف والتعبير :
وتتمثل هذه الوظيفة للعلم في اكتشاف القوانين العلمية العامة والشاملة للظواهر والأحداث المتشابهة والمترابطة والمتناسقة عن طريق ملاحظة ورصد الأحداث والظواهر وتصنيفها وتحليلها عن طريق وضع الفرضيات العلمية المختلفة،وإجراء عمليات التجريب العلمي للوصول إلى قوانين علمية موضوعية عامة وشاملة تفسر هذا النوع والوقائع والأحداث.
ب- التنبؤ العلمي :
بمعنى أن العلم يساعد على التنبؤ الصحيح لسير الأحداث والظواهر الطبيعية وغير الطبيعية المنظمة بالقوانين العلمية المكتشفة،مثل التوقع والتنبؤ بموعد الكسوف والخسوف،وبمستقبل حالة الطقس،وبمستقبل تقلبات الرأي العام سياسياً واجتماعياً إلى غير ذلك من الحالات والأمور التي يمكن التنبؤ العلمي بمستقبلها وذلك بغرض أخذ الاحتياطات اللازمة لمواجهة ذلك.
ولا يقصد بالتنبؤ هنا،التخمين أو التكهن بمعرفة المستقبل،ولكن المقصود هو القدرة على توقع ما قد يحدث إذا سارت الظروف سيرا ًمعيناً،مع التذكير بأن التنبؤات العلمية ليست على نفس الدقة في جميع مجالات العلم،ففي العلوم الطبيعية،تكون أكثر دقة منها في مجالات العلوم السلوكية،ومجالات المعرفة الاجتماعية.

جـ- الضبط والتحكم :
يساهم العلم والبحث العلمي في عملية الضبط والتحكم في الظواهر والأحداث والوقائع والأمور والسيطرة عليها وتوجيهها التوجيه المطلوب،واستغلال النتائج لخدمة الإنسانية،وبذلك تمكن الإنسان بفضل العلم من التحكم والضبط ( مثلاً ) في مسار الأنهار الكبرى،ومياه البحار والمحيطات،والتحكم في الجاذبية الأرضية واستغلال ذلك لخدمة البشرية،كما اصبح اليوم بفضل العلم،التحكم في الأمراض والسلوكيات البشرية وضبطها وتوجيهها نحو الخير،وكذلك التحكم في الفضاء الخارجي واستغلاله لخدمة الإنسانية جمعاء .


خصائص العلم

أولاً : حقائق العلم قابلة للتعديل أو التغيير:
لما كانت الحقيقة العلمية من اكتشاف الإنسان وأنها نتاج علمي مجزأ فالصحة فيها وقت اكتشافها وهي معرضة للصواب والخطأ ، وبالتالي فالحقائق العلمية حقائق نسبية وليست مطلقة أو قطعية أو أزلية ، بل تحتاج للتعديل والتغيير المستمرين لأسباب :
1.    أنها من اكتشاف الإنسان.
2.    الرقي في وسائل البحث وأدواته.
3.  تكامل البحوث العلمية بين فروع العلم المختلفة يحتم اكتشاف المزيد من صحة الحقائق العلمية من عدمه.

ثانياً : العلم يصحح نفسه بنفسه:
تطرأ تعديلات وتغييرات كثيرة على الحقائق العلمية وتفسيرات العلماء المختلفة عليها مثل (الكروموسومات ، الذرة ، حركة الجزيئات ...الخ) ولهذا لا بد من الأخذ بعين الاعتبار الحركة الديناميكية للعلم والمعرفة العلمية في ضوء الاعتبارات التالية:
1.  تنمية مهارة الاطلاع المستمر للجوانب العلمية خاصة وذلك لزيادة المعرفة ومواكبة التطور التغير.
2.  عدم التشبث بالمادة العلمية الموجودة في الكتاب المدرسي انطلاقاً من كون الحقائق قابلة للتغيير والتعديل.
3.    التصحيح المتواصل للحقائق العلمية في الكتاب المدرسي وغيره بعد اكتشاف ما يناقضها .
4.    دراسة التطور التاريخي لبعض موضوعات العلم أو نظرياته وبيان نموها وتطورها .

ثالثاً : العلم يتصف بالشمولية والتعميم:
بالرغم من أن مؤسس علم الوراثة جريجور مندل (1822- 1884م) بدأ أبحاثه على نبات البازلاء (قانون انعزال الصفات وقانون التوزيع الحر) إلا أن نتائج أبحاثة سرت على جميع الكائنات الحية، وكذلك قوانين الغازات (بويل،شارل،جايلوساك) تنطبق على جميع الغازات ، وقاعدة أرخميدس تشمل جميع الأجسام الطافية أو المغمورة...الخ ، وبالتالي فالحقيقة العلمية تنطبق على أمور عدة وليس على جزئية من العلم.

رابعاً : العلم تراكمي البناء:
يبدأ الباحث العلمي في دراسة موضوع ما من حيث انتهى من سبقه في هذا المجال ، وبالتالي فالمعرفة العلمية أشبه بالبناء الذي يتم تشييده طابقاً إثر طابق تنمو فيه المعرفة عمودياً لترتقي وأفقياً لتعالج طواهر علمية أخرى ، وتحل المعرفة الجديدة محل القديمة وتصبح القديمة تاريخاً يهم مؤرخ العلم لا العالم نفسه.
ويترتب على هذه السمة أمور منها:
1.    قابلية الحقائق العلمية للتعديل والتغيير.
2.  تسارع المعرفة العلمية وانفجارها مما يصعب معه لحاقها وبالتالي لا بد من نشر الحقائق والأبحاث في مجلات ودوريات وأقمار صناعية وشبكة عنكبوتية بدلاً من النشر الكتابي بطيء الانتشار.
3.    توسع العلم عمودياً وأفقياً يوسع ميادين العلم الخاضعة لمنهج البحث العلمي.
4.  ينبغي بناء مفاهيم علمية صحيحة لدى الطلاب ، وتنمية الاتجاهات الإيجابية لديهم كتقدير جهود العلماء والحضارات الإنسانية في بناء العلم.

خامساً : العلم نشاط إنساني عالمي:
يستطيع أي فرد أو مؤسسة أو أمة استخدام المفاهيم والمبادئ والنظريات العلمية وتطبيقها في جوانب الحياة المختلفة بغض النظر عن مكتشفها ، إذ تنتقل عالمياً لينتفع بها المختصون وغيرهم ، وقد تبقى مبادئ علم ما سرية إلى أجل من منطلق المصلحة العالمية كما هو الحال في أسرار لقنبلة الذرية والهيدروجينية فهو ليس قصور في العلم بقدر ما هو قصور في تطبيقه.
ويمكن تنمية اتجاهات الطلاب واهتماماتهم العلمية من خلال:
1.    تقدير جهود العلماء وإسهاماتهم في تقدم العلم والمعرفة.
2.    تشجيع القراءة العلمية والمطالعة الحرة والبحث عن العلماء وإسهاماتهم.
3.    بيان التطبيقات العلمية المختلفة لمبادئ العلم ونظرياته .
4.    إبراز عالمية العلم في إمكانية تطوير العلاقات الدولية.

سادساً : العلم يتصف بالدقة والتجريد:
فالمعرفة العلمية تمتاز بموضوعيتها ودقتها فالباحث يحدد المشكلة ثم يحدد إجراءات دراسته بطريقة موضوعية مجردة  مستخدماً لغة علمية مستندة للطريقة الكمية أو العلاقات الرياضية المحددة وغيرها مما ينحي الذاتية في حل المشكلة مثل قول (درجة الحرارة مرتفعة) فهذه لغة غير علمية وإنما يجب التحديد فتقول (درجة حرارة اليوم تساوي 30 درجو مئوية) وعليه يفرق مؤرخو العلوم في تاريخ أي علم بين مرحلتين هما :
·        المرحلة قبل العلمية وفيها تستخدم اللغة العادية الكيفية الوصفية.
·        المرحلة العلمية والتي تستخدم اللغة الرياضية الكمية .
ولذا ينبغي تعويد الطلاب على ما يلي :
1.    التعبير العلمي والمناقشة العلمية بدقة وموضوعية.
2.    التعبير عن مفاهيم العلم ومبادئه بلغة كمية مقبولة.
3.    كتابة التقارير بشكل علمي وتحليل نتائج التجارب وتفسيرها علمياً
4.    تسجيل الملاحظات والقياسات العلمية بدقة من خلال استخدام الوحدات العلمية الصحيحة.

سابعاً : العلم له أدواته الخاصة به:
فالأداة هي الوسيلة التي يستخدمها الباحث لجمع المعلومات وقياسها مثل ( الميكروسكوب وأدوات التشريح وجهاز تفريغ الهواء ...الخ) وهذا الأمر يتعلق بالحقائق العلمية ، أما المعارف الإنسانية فيصعب إيجاد أدوات وأجهزة دقيقة لقياس مستوى الذكاء مثلاً وبالتالي يلجأ العلماء لتقدير الذكاء ومكوناته العقلية والسلوكية. لذا ينبغي التركيز على :
1.    تنمية المهارات اليدوية لدى الطلاب وتدريبهم على الأدوات والأجهزة العلمية.
2.    مساعدة الطلاب على إدراك أهمية الأدوات والأجهزة العلمية في :
·        بناء العلم وتطوره أو فتح آفاق ميادين جديدة له.
·        التأكد من صحة الأفكار والمبادئ العلمية المكتشفة.
·        بيان الأسس النظرية التي تستند عليها الأدوات والأجهزة.
3.    تقدير جهود العلماء المخترعين أو المطورين .
4.    التركيز على الوحدات المستخدمة في القياسات المختلفة في العلوم.

ثامناً : العلم مدقق:
لما كان العلم طريقة أو منهجاً في البحث والتفكير العلمي فإن الفرصة متاحة أمام من يقرأ البحث لفحصه ونقده وتمحيصه والاعتراض على منهجيته ، أ, إعادة التجربة في ظروف معينة للتأكد من صحة النتائج ودقة الاستنتاجات ، وهكذا نجد المعرفة العلمية مدققة وممحصة ومجربة مرات عديدة قبل أن تأخذ موقعها في ميدان التطبيق العلمي.
ويترتب على ذلك بعض النتائج منها:
1.  يقتصر ميدان الدراسات والأبحاث العلمية على الظواهر أو الأحداث الطبيعية التي يمكن تكرار حدوثها.
2.    تتعرض نتائج الدراسات والأبحاث لاختبار التحقق وإعادة التأكد من صحتها ومعقوليتها.
3.    تنشأ المعرفة العلمية وتنمو وتموت إذا ثبت عدم صحتها.
4.    يسارع الباحث في نشر نتائج أبحاثه ودراساته عالمياً للاطلاع عليها والاستفادة منها .
5.  يتيح نشر الأبحاث التحقق من صحة المفاهيم والمبادئ والنظريات العلمية وبالتالي يمنحها قدراً من الثقة.

وينبغي الانتباه والاهتمام عملياً بتعويد الطلاب على :
1.    دقة الملاحظة والقياسات العلمية وتقريرها بموضوعية
2.    إجراء التجارب العلمية وتكرارها
3.    مقارنة النتائج بما هو مدون في الكتب .
4.    مناقشة النتائج ومقارنتها ببعضها البعض.
5.    نقد التجارب العلمية وبيان الأخطاء المحتملة في المادة العلمية أو التصميمات التجريبية.

تاسعاً : العلم يؤثر في المجتمع ويتأثر به :
بينهما صلة وثيقة وعلاقة متبادلة ، وينبع أثر العلم في حياة المجتمع من مصادر ثلاثة هي :
1.  اعتماد الأسلوب العلمي في التفكير والبحث ،ويقصد به ذلك المتلائم مع طبيعة العصر ومتطلباته ، وحين يراد النماء والاستمرار في عطاء العلم أو البحث العلمي فيجب أن يقوم المجتمع بتوفير متطلبات أساسية منها:
·        الفهم الصحيح لمكانة البحث العلمي في المجتمع.
·        الاعتناء بالمبدعين في المجال العلمي .
·   مساندة المجتمع والمؤسسات الخاصة (الصناعية والتجارية والزراعية) للعلم والعلماء مادياً ومعنوياً.
2.  للعلم قيمة خلقية ودولية ، فالقيمة الخلقية تنتج عن الأسلوب والمنهج العلمي الذي يفرض على الباحث خصائص معينة وفضائل اجتماعية تقتضيها سلامة المجتمع وتقدمه. أما القيمة الدولية أو الإنسانية للعلم فتتمثل باعتبار العلم نشاطاً إنسانياً عالمياً ساهمت فيه جميع الأمم والحضارات.
3.  الانتفاع بالفوائد التطبيقية (التكنولوجية) للعلم من خلال اختراع التقنيات الحديثة التي تسعد الإنسان أو تدمره كالطاقة النووية والعقول الالكترونية وغزو الفضاء والهندسة الوراثية .
وينبغي على معلم العلوم أن يعي هذه الصلة الوثيقة بين العلم والمجتمع وينعكس ذلك على ممارساته التدريسية من خلال :
1.    تدريس المواد العلمية وربطها بحياة الطالب ومشكلاته الحياتية اليومية .
2.  تنمية الاتجاهات العلمية نحو العلماء والعلم وتقنياته وبالتالي تعديل الأفكار الخاطئة حول العلم.
3.  تشجيع الطلاب على زيارة المصانع والشركات ومراكز البحوث العلمية للتعرف على العلم وتطبيقاته.
4.    إبراز الوسائل التعليمية وتكنولوجيا التعليم وأهميتها في العملية التعليمية .
5.  إبراز دور العلم وتطبيقاته وما يترتب عليه من تحسن في العلاقات الدولية والنظم الاجتماعية وسبل المعيشة.
6.    بيان دور العلم في تغيير المعتقدات والاتجاهات الخاطئة.
7.    الكشف عن العناصر المبدعة في المجالات العلمية.
8.  التأكيد على دراسة العلم وتدريسه في إطاره الاجتماعي وبيان خيره وشره وأنه سلاح ذو حدين يتوقف الأمر على المستخدم له من حيث قيمه ومبادئه.